صوت فتح - الاخباري - رأت إنتشار شرطة حماس من نافذة شقتها ، فأوجست في نفسها خيفة ، من حصار جديد للمنطقة والدخول في اقتحام دموي واطلاق نار كثيف وربما قذائف ستتطاير في كل جهة من غير معيار ولا مكيال ، فنادت على زوجها النائم ، فجاء مع نعاسه إلى النافذة ليستيقظ على عشرات من شرطة حماس بكامل عتادهم و جيباتهم ، وتقطيع الشوارع من المفارق ، في مشهد يدلل على حدوث أمر خارق أو قرب حدوثه ، ذهب على عجلة إلى التلفاز ليأخذ نظرة سريعة على شريط الأخبار ، فلم يجد ما يعينه على ترجمة ما يجري .
اسماعيل ومعه زوجته ، وقفا امام النافذة بحالة ترقب ومراقبة شديدة ، حتى فك لغز الموجود وقال لزوجته على فطرته :‘ الرئيس اسماعيل هنية سيمر من المنطقة‘ وفعلا كان بعد قليل صبرهم ، قدوم موكب ‘أمير المؤمنين‘ اسماعيل هنية الذي لا يشبه موكب أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب يوم أن ذهب الى إيلياء ( القدس ) لتسلم مفاتيح بيت المقدس ، شتان ما بين الموكبين ، موكب هنية ‘رئاسي‘ عشرات الجيبات ‘رأس سهم‘ و‘خلفية حماية‘ وبينهما سيارات سوداء فخمة جدا ( تم الحصول عليها من السلطة الوطنية بعد الانقلاب) وسيارات مدنية وحتى أجرة ، ومن أحصاها قدرها بثلاثين سيارة غير جيبات الحراسة ،اما موكب عمر الخطاب أمير المؤمين وخليفة خليفة رسول رب العالمين ، كان حمارا ومرافقا واحداً وثلاثة عشرة رقعة في ثوبه ، وحمارهما يحمل كل واحد منهما قدر قرأة سورة ‘يس‘ في عدالة عمرية مقطوعة النظير ، اما هنية ففرش رجاله ليغطوا عيون الناس برهبة بالغة وظاهر يؤكد على انه طالب كرسي وجاه ، وخوف كبير من ‘الرعية‘ والسبب أنه لم يحكم بالعدل ولا يريده ، فموكبه لأمرين للمفاخرة البغيضة و للحماية الأكيدة من أهله وعشيرته .
هنية الذي اقسم بالله ووضع يده على كتابه سبحانه يوم أن تسلم الحكومة العاشرة أمام رئيسه المنتخب والشرعي ، محمود عباس ، خرج اليوم من قسمه وحنث به وأخذ يتصرف في رقاب مليون ونصف المليون إنسان في قطاع غزة ، دون ‘رئيس‘ ولا مرجع وطني ، فحماس التي سيدتّه ، علمتّه كيف يقفز عن ‘الرئيس‘ والقسم وكيف يصبح ‘زعيماً‘ ومن الأمور التي تؤكد أن هنية ( الذي كان يجر كرسي الشيخ الجليل الشهيد أحمد ياسين) كيف اليوم يتصرف وكأنه رئيس دون مرجعية .
قراره بمنح المتضامنين الذين كسروا الحصار بسفينتين ، جوازات سفر فلسطينية أي جنسية وطنية وهذه ليست من صلاحيات رئيس الوزراء بل هي مراسيم رئاسية لا بد للرئيس أن يصدرها حسب الاصول التشريعية والقوانين النظامية ، دليل على أنه يغرد خارج سرب الشرعية الوطنية .
مع أن المتضامنين يستحقون أوسمة الشرف من أعلى الدرجات اضافة الى منحهم جنسية فلسطين والعبرة بالذين يترزقون سياسة على أوجاع شعبهم ومعاناة وطنهم.
هنية وصل الى أحد المدارس وخاطب ‘معلمي حماس‘ الذين بدلوا وأخذوا أماكن غيرهم من المعلمين ذوي الخبرة ، بعد إقصاء‘فصائلي ‘ وتطهير ‘إنتمائي‘ فالغير موالين لحماس ، ليس لهم نصيب في قطاع غزة بالوظيفة وحتى الحرية ، فملفاتهم عم قريب ستكون جاهزة في دوائر أمن حماس لاستدعائهم ووضعهم تحت لوائح التهم الجاهزة ، التي تبدأ من الخيانة العظمى وتنتهي بانتهاك الاخلاق وممارسة الرذيلة!!! .
هنية كان متفائلا بأن الحركة التعليمية في قطاع غزة ستكون بخير مادامت ‘العقول الربانية‘ والأيادي المتوضئة هي من ستدير سفينة التعليم تحت راية ‘حماس‘ ، خاطب المعلمين والطلاب والحشد بزهو بالغ وتفاخر صارخ ونشوة مبالغ فيها الى درجة الصفاقة والتفاهة ايضاً، حتى وشوش الطالب أحمد زميله سامر بحركة بالغة السرعة قائلاً له :‘ ايظن نفسه رئيس فعلاً ، ابوها من مدرسة ومن سنة‘.
اما الاستاذ مروان الذي رفض الحضور الى مدرسته ملتزماً بإضراب المعلمين قال وهو يشاهد عن بعد الموكب وحشد حماس في ميدان المدرسة :‘ خسارة على الأجيال هاي خسارة كبيرة ونكبة في التعليم ، مدرسيهم لا يملكون أي خبرة وكثير من الطلاب يكروهن حماس بعد الانقلاب ، اتوقع كارثة حقيقية في التعليم ، والمشكلة أن قيادات حماس لا تبالي بالجوهر بل تقاتل من أجل رياستها وزعامتها ولو كان ذلك على حساب التعليم ذاته‘.
موكب ‘الرئيس‘ بضع سيارات لا تتجاوز العشرة بأفضل حالاتها كما قال ضابط حرس الرئاسي ‘ محمد وأما موكب هنية فحملة عسكرية كاملة وليست موكب ‘رئاسي‘ .
قطاع غزة مازال يقف على حد السكين بين الحصار والاعتقالات السياسية والحرمان المتزايد ، ورغم اقتراب شهر رمضان ، وتعب الناس من حالة ‘سلطة الواقع‘ وسياسة تكميم الأمعاء والأفواه واضطهاد المخالف ومطاردة المعارض ، يأمل الكثيرون من أهل قطاع غزة أن تنجح القاهرة بإقناع ‘دب ‘حماس أن يترجل عن رقاب الناس ليعود الوطن الى عافيته ويعيد تجهيز ذاته لمنازلة مشرفة مع عدوه الأساس ‘اسرائيل‘.