عاجل .........................خاص لأبناء الملتقي الفتحاوي
تتناقض التقديرات الفلسطينية بشأن ما يجري في القاهرة من حوارات بين القيادة المصرية والمسؤولين في فصائل المقاومة الفلسطينية. وفيما يؤكد بعض من شاركوا في هذه الحوارات أن المسعى المصري جدي هذه المرة، ويختلف عن المرات السابقة بوضوح أهدافه، يرى آخرون أنه غير جدي ولن يحقق أغراضه. ويستند الجانبان في تقديراتهما، ليس فقط إلى ما سمعوه من القادة المصريين وفي مقدمتهم مدير الاستخبارات العامة اللواء عمر سليمان، بل أيضاً إلى موقع كل طرف في الخريطة السياسية الفلسطينية.
ومع ذلك، ثمة إجماع بين من أدار المصريون معهم حوارات حتى الآن، عن دوافع مصر من وراء المسعى الجديد والخطوط العامة لتوجهاتهم. فمصر ترى في الانقسام الفلسطيني خطرا يتهدد أمنها القومي، ولذلك تحاول منع استمرار هذا الانقسام ولكن بطريقتها. فهي لا تريد في حال من الأحوال عودة الوضع الفلسطيني إلى ما كان عليه قبل عام ١٩٦٧ عندما كانت مسؤولية غزة ملقاة على كاهل مصر بعدما ضم الأردن الضفة الغربية إلى مملكته. وتعتقد مصر أن استمرار الانقسام يقود بالضرورة إلى وضع يغدو إلزامياً فيه انتقال المسؤولية في الضفة الى الأردن والمسؤولية في غزة إلى مصر.
وهي ترى، بناء على ذلك، أن الحل الوحيد الممكن لمنع حدوث ذلك هو بقاء الكيان الفلسطيني موحداً، وذلك عبر قيام سلطة تكفل استمرار هذه الوحدة. ولا يمكن توافر سلطة كهذه لا تحظى بقبول عربي ودولي وضمناً إسرائيلي. ولهذا السبب فإن المدخل للحل يتمثل في إقامة حكومة فلسطينية مؤقتة تستطيع »فك الحصار« والتعامل مع الوضع الدولي والإقليمي.
وترى مصر أن مثل هذه الحكومة لا يمكن أن تكون حكومة الفصائل الفلسطينية »المقاومة منها أو المهادنة«، بل يجب أن تكون »حكومة تكنوقراط« أو »حكومة »شخصيات« (مقبولة طبعاً). وقد سمع البعض اسم الدكتورة حنان عشراوي يتردد كرئيسة محتملة لحكومة فلسطينية مؤقتة، بوصفها شخصية وطنية غير ملوثة ومقبولة، رغم أنها »الشخصية الثانية« في قائمة سلام فياض الانتخابية، المعروفة باسم »الطريق الثالث«.
ومن المعلوم أن الحكومة المقبولة (دولياً وإقليمياً) هي الحكومة التي تخلو على الأقل من شخصيات حماس المعروفة. وثمة من يعتقد أن قسماً لا بأس به من قادة حماس يرفض من حيث المبدأ فكرة استبعاد شخصيات حماس من الحكومة بعد فوزهم في الانتخابات، ويرون ذلك مسألة »حياة أو موت«. ويؤكد آخرون أن من يسمون بـ»الشخصيات المقبولة« لدى البعض هم لدى أغلب قادة حماس »شخصيات غير مقبولة«. وهذا يعني أن فكرة الحكومة المقبولة دولياً وعربياً هي في الجوهر فكرة مستبعدة لدى حماس حتى لو كانت مقبولة لدى أغلب الفصائل الفلسطينية الأخرى.
وهذا يقود إلى تعاظم الخلاف بشأن تقديرات المرحلة المقبلة. فالبعض يعتقد أن مصر تدير الاتصالات بدرجة من سوء النية والتربص بحماس من خلال السعي إلى بلورة »صيغة حل« لا تأخذ بالحسبان مصالح هذه الحركة التي فازت في الانتخابات. ويندرج في ذلك الحديث عن إرسال قوات عربية وصيغة الحكومة المقبولة. ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى حد القول بأن مصر تتحدث من الآن عن صيغة حل »يقبل كما هو أو يرفض كما هو« لإحراج حماس ووضعها في خانة الرافض للحل.
ويعتقد هؤلاء أن تصريحات الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى مؤخرا عن نية الجامعة العربية تحديد الجهة الفلسطينية التي تعرقل الحل، تندرج في هذا السياق. وهذا ما يدفع بالبعض إلى تأكيد التنسيق بين القيادة المصرية والجامعة، لدرجة أن البعض سمع من عمرو موسى أنهم »أعطوا مهلة لعمر سليمان« لمدة شهر ونصف إلى شهرين لإنجاز المهمة قبل إعلان الموقف النهائي.
ويذهب المتشائمون إلى حد القول إن ما تسعى إليه مصر في هذا الوقت ليس التوصل فعليا إلى حل ممكن عبر حوار وطني لإصلاح العلاقات والبنى الداخلية الفلسطينية، بل نيل غطاء عربي لاستمرار حصارها لقطاع غزة، إذ لم يخف القادة المصريون سراً وعلانية موقفهم بأن فتح معبر رفح لن يتم من دون اتفاق دولي. وهم يشعرون بالحرج الداخلي جراء استمرار إغلاق المعبر، ولذلك يريدون من الجامعة العربية ليس فقط تحديد »الجهة التي تعرقل الحل«، بل أيضاً المطالبة بفرض عقوبات عليها.
غير أن المتفائلين يشددون على أنهم سمعوا »كلاماً طيباً« من قادة الاستخبارات المصرية أنهم بصدد بلورة صيغة حل تعطي حماس الشيء الكثير ولا تدفعها إلى الرفض. ويشدد هؤلاء على أن الحوار الفلسطيني الراهن، وخلافاً للحوارات السابقة، لا يجري من أجل تحقيق »تهدئة« مع إسرائيل، بل من أجل تجنيب الفلسطينيين كارثة. ويلمح هؤلاء إلى أن مصر أجرت لهذا الغرض اتصالات مكثفة مع كل من سوريا والسعودية واليمن والأردن لتوفير فرصة النجاح للحوار.
تجدر الإشارة إلى أن الحوارات المصرية مع فتح لا تنقطع، وأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيصل الى القاهرة يوم السبت المقبل لمناقشة العديد من هذه القضايا. ولكن الحوار مع حركة حماس تقرر أن يكون في الأيام العشرة الأواخر من رمضان، وهناك إيحاءات بأن تقرر مصر الدعوة (انفرادياً أو عبر الجامعة العربية) لحوار وطني فلسطيني شامل في القاهرة بعد عيد الفطر، أي في أوائل أو منتصف تشرين الأول المقبل
أخوكم ابن شمال غزة قلعة الشهداء سميح المدهون وبهاء أبو جراد