جريدة الاخبار
آخر عمود
ماذا لو حكم الإخوان؟
إبراهيم سعده
ibrahimsaada@yahoo.com في كتابها المثير:'ماذا لو حكم الإخوان؟' تروي الزميلة الصحفية د. فاطمة سيد أحمد، ماحدث في لقائها الصحفي الطويل مع نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين: محمد حبيب حيث نجحت في 'استنطاقه' علي حد وصف د.عصام العريان :أحد كبار كوادر الجماعة لتحصل منه علي اعترافات خطيرة طالما حرصت الجماعة ومرشدها وكوادرها علي إخفائها!
وتنفي د. فاطمة سيد أحمد وصف د. عصام العريان بأنها قامت 'باستنطاق' نائب المرشد العام للإخوان، وإنما ما حدث أنها ذهبت إليه وهي محصنة ضد 'الفزاعة الإخوانية' التي يخيفون بها رجال الإعلام الذين يحاورونهم!
تقول مؤلفة الكتاب عن حوارها مع نائب المرشد:'لم أرتعد من الفزاعة التي كان يتبعها معي والذي أراد من خلالها أن يرغمني علي الاقتناع بما يقول وإلاٌ العاقبة غير محمودة! لم أخف من هذا المنطق النفسي الذي اعتمد علي الترهيب والترغيب، فكنت أنصت جيدا إلي ما يقوله ثم أوجه له سؤالا محددا في إيهام مني بالاقتناع.. وهذا لا يسمي استنطاقا، وإنما محاولة ناجحة في الكشف عن مخططهم في إقامة دولة دينية في دائرة أممية لا تعترف بجغرافيا أو تاريخ'.
وذكرتنا مؤلفة الكتاب بأن الجماعة منذ قيامها وحتي الوقت القريب ليس لها 'برنامج سياسي محدد ومفصل لنظام الحكم' لأنها لا تريد أن تحكم ببرامج أو قوانين ودساتير مدنية فلديها ما يكفي حكمها من قوانين وتعاليم دينية، وهي ما'ينقض بل ويقضي علي قيمة إعلاء المواطنة ، واضطرت الجماعة إلي محاولة الجمع بين الدين والدنيا في برنامج سياسي كجشف عنه منذ فترة أيده البعض وطعن فيه البعض الآخر!
وأكدت الدكتورة فاطمة سيد أحمد أن هذا البرنامج لم يتمكن من معالجة معضلات أساسية في الفكر الإخواني مثل: الولاية العظمي للمرأة أي توليها لمناصب عليا ووضع الأقباط في المحيط السياسي للدولة الدينية المزمعة، وغيرهما من قضايا خلافية عديدة.
وكشف الكتاب في الوقت نفسه عن التناقض الكبير بين ما يقوله الإخوان وبين ما يؤمنون به! فهم لا يعترضون علي الديمقراطية ولكنهم لم ولن يطبقوها! ينادون بتداول السلطة لكنهم لا يعترفون بها أصلا داخل الجماعة التي لا تري سوي 'الأمر شوري' فقط! فالقرار 'ديكتاتوري' بحت، يخرج من عباءة المرشد الذي لا يتغيٌر أو يتبدٌل إلاٌ بتدخل من عزرائيل وحده!
وإذا كانت الكاتبة والصحفية: الدكتورة فاطمة سيد أحمد قد خصصت صفحات وصفحات لتقديم عشرات الأمثلة علي هذا التناقض الهائل بين ما يقوله الإخوان وبين ما يطبقونه بالفعل، فإنها أيضا لم تغفل عن الأساليب التي تستخدمها جماعة الإخوان في إثارة الفزع والرعب في قلوب الناس خاصة الأوساط الشبابية وكيف استطاع الإخوان فرض نفوذهم علي أحياء كبيرة مكتظة بالسكان: بداية من تقديم مساعدات وخدمات اجتماعية وصحية لهم، ووصولا إلي بسط نفوذهم عليهم، وانتظارا لخوض حرب الشوارع بالمليشيات التي كانوا يعدونها سرا في الماضي في الصحراء ثم أصبحوا الآن يعدونها علنا، وجهرا، داخل مراكز الشباب التي تنشئها الدولة، وتحت سمعها وبصرها! وهاهي تلك المليشيات يرتدون الأقنعة السوداء، ويقفون في ساحة جامعة الأزهر يؤدون حركات عنيفة، ليعلنوا أنهم جاهزون لفرض القوة وإرهاب من حولهم ليحسب لهم ألف حساب وحساب'!
بعد هذه الصفحات المفزعة التي تروي ما يقوم به الإخوان علنا، وجهرا.. تؤكد مؤلفة الكتاب:'إن هذا ليس تجنيا منٌا عليهم أو افتراء في غير موضعه، ولكنه تصورهم ومنطقهم وأملهم في أن يكونوا علي رأس السلطة.. وهذا ما صرٌحوا به، في حواراتي الطويلة مع رموزهم، عما سيكون عليه شكل دولة الإخوان'.
.. ونواصل القراءة غدا.