كتب يونس الزريعي : لعبة الشطرنج هي لعبة 'الذكاء والتخطيط' أوهي لعبة 'الذهن الخالص'...وهي أيضاً تعتمد على بُعْدِ النظر عند الانقضاضِ على الخصم...وهدوء الأعصاب عند خسارة جندي أو حتى الوزير ..
القاهرة – فراس برس: كتب يونس الزريعي : لعبة الشطرنج هي لعبة 'الذكاء والتخطيط' أوهي لعبة 'الذهن الخالص'...وهي أيضاً تعتمد على بُعْدِ النظر عند الانقضاضِ على الخصم...وهدوء الأعصاب عند خسارة جندي أو حتى الوزير ... لا أعرف لماذا تذكرني هذه اللعبة بشخص رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية 'أبو مازن'!!!وليسمح لي القارئ العزيز بأن يرافقني في رحلة بين الواقع والخيال لنتفق من بعدها على شيء قد ينير لنا الطريق الذي شقه السابقون بدمائهم ودموعهم وغبار رحلة التيه الطويل لشعبنا الذي لم يلتئم له جرح نازف....
أبو مازن حاربه الجميع بما فيهم حركة فتح بكل قوة وقسوة إبان توليه رئاسة 'الحكومة السادسة'في العام 2003... حيث كان من الواضح والمتفق عليه حينها أن المهمة الرئيسية والمركزية لحكومته هو تنفيذ التزامات الطرف الفلسطيني من خطة خارطة الطريق وإجراء إصلاحات بنيوية في النظام السياسي والأمني والإداري في السلطة الفلسطينية وصولاً إلى التسوية النهائية للصراع العربي الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية في العام 2005 وفقاً لترتيبات الرباعية الدولية...
لقد أُجبر أبو مازن على تقديم استقالته قبل أن تكمل حكومته شهرها السادس وذلك بعد أن خذلته أمريكا وأضعفته إسرائيل وتنادى أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني لمَّا تذكروا بالصدفة أن لهم حق حجب الثقة عن حكومته,, بعد أن بات هدف [تولي مهمة وزير] هي الشغل الشاغل لكل أعضاء المجلس التشريعي السابق!!!
غادر أبو مازن الحياة السياسية الفلسطينية واعتكف لمدة عامٍ تقريباً,لكنه عاد بقوة لمركز الفعل السياسي قُبَيْل وفاة القائد 'أبو عمار'...وحينها اكتشف البعض في الدائرة الضيقة لصنع القرار بأنهم على خطأ وبأن أبو مازن هو 'رَجُل المرحلة' وعلى ذلك ورث أبو مازن كافة مهام القائد السابق 'أبو عمار' وبات خصوم الأمس هم الأكثر ولاءً وتمجيداً ونفاقاً لأبو مازن !!!
وبحنكة السياسي المخضرم أراد أبو مازن تغيير شكل ومضمون النظام السياسي الفلسطيني, وقرر إنهاء تفرد وتحالف مراكز القوى الموروثة في فتح والسلطة ...وتبنى وصارع الداخل والخارج لأجل إشراك القوى المعارضة لأوسلو في الانتخابات التشريعية وكان له ذلك باستثناء 'حركة الجهاد الإسلامي' حيث عارضت المبدأ لأسباب داخلية تنظيمية وعقائدية ...
لقد كان لأحداث الحادي عشر من سبتمبر2000 والحرب الأمريكية على ما يسمى بالإرهاب والمراقبة الأمريكية الصارمة على تحويلات الأموال عبر العالم وكذلك الانسحاب الإسرائيلي أحادي الجانب من قطاع غزة...كان لهذه المتغيرات المحلية والدولية الدور الحاسم في قرار حركة حماس الدخول في النظام السياسي الفلسطيني عبر بوابة المجلس التشريعي...
لقد كان لتبني حركة حماس قرار المشاركة في الانتخابات التشريعية بالغ الأثر في تحقيق أبو مازن نصراً داخلياً في حركة فتح وكذلك على المستوى الإقليمي والدولي,حيث أنه يدرك تماماً بأنه لانهاية ناجحة للمفاوضات دون إشراك القوى السياسية الفلسطينية المعارضة وعلى رأسها 'حركة حماس' ...غير أن اكتساح حركة حماس للانتخابات التشريعية في العام 2006 وسيطرتها المريحة على المجلس التشريعي الفلسطيني دون منافس حقيقي, هذا الأمر قلب الموازين واستوجب تغيير الإستراتيجيات..فلم تعد حماس مجرد معارضة بل أضحت السلطة ومكوناتها في موقع المعارضة,وباتت حماس هي الأغلبية المسيطرة...
تلكم كانت الأزمة الحقيقية الأولى التي يواجهها أبو مازن بعد انتخابه رئيساً للسلطة في العام 2006 ..وكان لزاماً عليه أن يدير هذه الأزمة بحكمة وروية وبما يمنع تقويض النظام السياسي الفلسطيني الجديد, فحاول كل ما في وسعه كي تتبنى الحكومة التاسعة برنامج سياسي يبتعد عن برنامج حركة حماس ويتوافق مع برنامجه , إلاّ أن كل الصيغ التوفيقية لم تقنع الجهات العربية والإقليمية والدولية ولم تمنعها من خنق الحكومة 'الحمساوية' التاسعة التي تم حلها قبل أن تكمل عامها الأول, ليتوافق من بعد ذلك الكل الفلسطيني [دون إرادة صادقة وبقَسَمٍ كاذب جوار الكعبة] وليقرروا تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الأولى في التاريخ الفلسطيني, لتنقض عليها حركة حماس قبل أن تكمل شهرها الثالث ...وتكون النتيجة حكومة محاصرة'مقالة في غزة' !!! وبالمقابل حكومة في رام الله تحت حراب الاحتلال مهمتها المركزية تنفيذ الشق الفلسطيني من خطة خارطة الطريق التي تأخر تنفيذها أكثر مما يجب!!!
لم يتضرر أبو مازن كثيراً من سيطرة حماس على قطاع غزة ... بل لعله قد افتك من حمل الكرة الملتهبة التي كانت نقطة عجز المفاوض الفلسطيني الدائمة لتنفيذ خطة خارطة الطريق في قطاع غزة.. وأزعم بأنه المنتصر الوحيد من اتفاق التهدئة المبرم بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة...لينتظر بفارغ الصبر الضغط الأمريكي والدولي على إسرائيل كي تبدأ من جانبها تنفيذ الالتزامات الإسرائيلية في خطة خارطة الطريق في الضفة الغربية , استناداً للدور الذي قامت وتقوم به الأجهزة الأمنية الفلسطينية هناك...
الاستحقاق الأول الذي يريده أبو مازن هو تبني حركة فتح لبرنامجه السياسي في المؤتمر العام السادس للحركة الذي سيعقد بالضرورة قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي سوف يُتَّفَق عليها في الحوار الوطني الذي ترعاه مصر والذي لن يسمح له بالفشل ...
الاستحقاق الثاني الذي ينتظره أبو مازن هو رسالة تعهدات أمريكية أو أتفاق 'رف' يحقق طموحات إقامة الدولة الفلسطينية قبل انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي نهاية العام الحالي,حيث أن الأخير في أمس الحاجة لإنجاز يحفظ له ماء الوجه بعد الفشل المستمر في كل المغامرات الغير مدروسة في العراق وأفغانستان والعجز في التعاطي مع الملف النووي الإيراني وليس آخرها 'الوخزة' الحمقاء للدب الروسي عبر جورجيا ...إذن فالإدارة الأمريكية الحالية في حاجة لاختراق دبلوماسي إستراتيجي وقد يكون الملف الفلسطيني الإسرائيلي فقط هو الممكن !!!
''حركة فتح ''لازال في يدها الحفاظ على المشروع الوطني أو تبديده !!! ولكن لا يوجد أمامها خيارات ..فإما أن تصادق على برنامج أبو مازن السياسي والذي يتبنى 'السلام كخيار إستراتيجي',,,أو فلتختار من تشاء وتتبنى الكفاح المسلح وغير المسلح ...وعندها يكون أبو مازن خارج حركة فتح والسلطة و'م ت ف' وبالتالي يكون السيناريو التالي الذي رغبت فيه أن أطرح تصور لشكل المجهول الذي ينتظر الكل الفلسطيني وأتمنى أن تكون أفكاري وهواجسي على عكس حركة المنطق والتاريخ ....
''فور رفض حركة فتح برنامج أبو مازن'' ..فإن الأخير سينتهي دوره السياسي وسيتقدم لفتح وللشعب باستقالته...
بعد إعلان الاستقالة بلحظات سيعلن رئيس المجلس التشريعي بالإنابة ' أحمد بحر' بأنه رئيس السلطة الوطنية المؤقت لمدة شهرين وفق الدستور...
سيعلن السيد ' أحمد بحر' البدء بإجراءات انتخاب 'رئيس السلطة'...
ستعلن الدول الراعية للسلطة الفلسطينية والجهات الدولية المعترفة بها بعدم التعامل مع السلطة ورئيسها ما لم تعترف الأخيرة بالشرعية الدولية وباتفاقات السلطة مع كافة الدول والمنظمات الجهات الدولية غير منقوصة...
سترفض حركة حماس مطلب الدول الراعية والداعمة للسلطة,, وعليه سيتم الإعلان من الرباعية الدولية والجهات ذات العلاقة عن حل السلطة الوطنية الفلسطينية...
سيلقى بأعباء السلطة المنحلة على إسرائيل في الضفة وعلى حماس في غزة..
ستعلن إسرائيل بأنها لن تسمح بإجراء أية انتخابات في الضفة الغربية...
ستقرر حركة حماس بأن الانتخابات الرئاسية ستكون في إقليم غزة فقط ...
ستقاطع حركة فتح الانتخابات لأن بينها وحماس 'ما أفسد الدهر'...وستتبعها في ذلك قوى أخرى !!!
بعد انتخاب رئيس للسلطة المنحلة في قطاع غزة ...ستعلن هذه السلطة استقلال دولة فلسطين على الجزء المحرر منها وهو 'قطاع غزة' وستطالب السلطة القائمة العالم بالاعتراف بدولتها ورفع الحصار عنها...
لن تعترف دولة الجوار 'مصر' بدولة الإخوان المسلمين في غزة....
ستعترف إسرائيل بالدولة العتيدة مقابل هدنة مدتها أربعون سنة 'مدة تيه موسى وبنو إسرائيل في سيناء'
سترفض حركة حماس طلب إسرائيل لأن الوصية تقول 'عشرون سنة '...
سينتقل المنادون بثنائية القومية للسكن في تل أبيب ...لعل وعسى أن يكونوا أعضاء في الكنيست !!!
سينتقل المنادون بالخيار الأردني للسكن في عمان...علهم يُكَلَّفُون بمهام حكومية بعد إعادة الارتباط!!!
ستفرض مصر هيمنتها بالقوة بعد مظاهرات جماهيرية حاشدة في قطاع غزة تطالب بعودة الحكم المصري لقطاع غزة !!!
سيهرب الذين هدموا معبر رفح واللذين يهاجمون سياسة مصر عبر أنفاق رفح ليستقر بهم الحال في 'جخاريب' جبل الحلال جنوب شرق صحراء سيناء!!!
ستنتهي أسطورة 'م ت ف ' والسلطة الفلسطينية وحركة فتح وحماس وأخواتهما!!!وستبرم سوريا ولبنان اتفاقيات سلام مع إسرائيل...ولن تسمح دول الجوار 'الطوق' بأي نشاط أو تواجد لمنظمات إرهابية ...
والآن في ظل هذا السيناريو الرومانسي المظلم الخالي من القمر والنجوم... ماذا يقول كل اللاعبين الفلسطينيين المجتمعين على رقعة طاولة الشطرنج أمام أبو مازن عندما يقول لهم 'كش ملك'؟؟؟ أظنهم جميعاً لو ابتعدوا عن المكابرة سيقولون بصوت واحد ...[ إنك أنت الملك ] !!!