وفاة النبي :
حجة الوداع :
سميت بذلك لأنها كانت آخر حجة يقوم بها النبي قبل وفاته .
خرج معه 100 ألف من المسلمين للحج , و اصطحب النبي معه جميع زوجاته .
خطب النبي قبيل وفاته :
في اليوم الثامن من ذي الحجة وهو يوم التروية في الحج , توجه الى منى ثم الى عرفة ثم الى قبة ضُربت له في نمرة ( اسم مكان ) , فنزل بها الى أن زالت الشمس فأتى بطن الوادي وقد اجتمع له 124 وفي رواية 144 ألف من الناس , فقام خطيباً و ألقى هذه الخطبة :
" أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً .
إن دماءكم و أموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا , في بلدكم هذا
ألا كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع , و دماء الجاهلية موضوعة و إن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث , وكان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل و ربا الجاهلية موضوع , وأول ربا من ربانا ربا عباس بن عبد المطلب , فغنه موضوع كله .
اتقوا الله في النساء , فإنكم أخذتموهن بأمانة الله , و اتسحللتم فرجهن بكلمة من الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه
فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح , ولهن عليكم رزقهن و كسوتهن بالمعروف .
وقد تركت فيكم مالن تضلوا بعده إن اعتصم به : كتاب الله .
أيها الناس إنه لانبي بعدي ولا أمة بعدكم ألا فاعبدو ربكم و صلُّوا خمسكم وصوموا شهركم , و أدوا زكاة أموالكم , طيبة بها أنفسكم , وتحجون بيت ربكم , و أطيعوا أولات أمركم , تدخلوا جنة ربكم .
و أنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ؟ "
قالوا : نشهد أنك بلغت و أديت و نصحت
فيرفع إصبعه الى السماء ويقول :
" اللهم فاشهد , اللهم فاشهد , اللهم فاشهد "
.......................
عند جبل عرفات :
" أيها الناس : إسمعوا قولى فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا , إن ربكم واحد , و إن أباكم واحد , كلكم لآدم و آدم من تراب , إن أكرمكم عند الله أتقاكم , لا فضل لعربى على أعجمى ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى, ألا هل بلغت اللهم فاشهد , الا هل بلغت اللهم فاشهد ألا هل بلغت اللهم فاشهد "
...............................
بعدها أتم الرسول الحجة و لم يمض على حجة الوداع سوى ثلاثة أشهر حتى مرض رسول الله مرضاً شديداً بالحمى
استأذن زوجاته رضى الله عنهم أن يُمرض فى بيت السيدة عائشة رضى الله عنها .
ثم أشتد الوجع برسول الله , و فى آخر ايامه خرج ليزور شهداء أحد و يقول :
" السلام عليكم و رحمه الله و بركاته , أنتم السابقون و نحن بكم لاحقون إن شاء الله "
ثم يرجع النبى بين الصحابة رضى الله عنهم و يبكى , فيقولون : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فيقول لهم :
" إشتقت إلى إخوانى "
فيقولون : أولسنا بإخوانك يا رسول الله ؟ قال :
" لا أنتم أصحابى , أما اخوانى فهم قوم يأتون من بعدى يؤمنون بى و لم يرونى "
................
ثم أشتد الوجع على الرسول أكثر و أكثر حتى أن الصحابة كانوا يحملونه إلى بيت السيدة عائشة و لما رآه الصحابة هكذا , بكت عيونهم , و دخل النبى بيت عائشة رضى الله عنها و قال :
" لا إله إلا الله , إن للموت لسكرات "
و كان وجه النبى ملىء بالعرق , تقول السيدة عائشة أنها كانت تأخذ بيد الرسول فتمسح بها على وجهه الكريم , ثم قال النبى :
" والله إنى لأجد طعم الشاة المسمومة فى حلقى " ( الشاة التى وضع بها اليهود السم للنبى ) .
.................
بعدها بدأ خبر وجع رسول الله ينتشر بين الناس و بين الصحابة حتى أن صوتهم بلغ مسمع النبى فقال : إحملونى إليهم , فحملوا النبى إلى المسجد و ألقى آخر خطبة له و قال :
" ايها الناس , كأنكم تخافون علي ؟ ايها الناس : موعدى معكم ليس الدنيا , موعدى معكم عند الحوض , والله لكأنى أنظر أليه من مقامى هذا , أيها الناس : والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم الدنيا ان تتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم كما أهلكتهم , ايها الناس : إن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين لقاء الله فاختار لقاء الله "
, ففهم ابو بكر المراد و عرف أن الرسول قد خُير بين الدنيا و لقاء ربه فأختار لقاء ربه , فعلى صوت ابى بكر بالبكاء و قال : ( فديتك بأبي , فديتك بأمي , فديتك بكل ما أملك ) , فنظر إليه الناس باستغراب , فما من عادة أحد أن يقاطع النبي في خطبه
فيقول لهم الرسول :" ايها الناس , دعوا ابا بكر فوالله ما من أحد كانت له يد إلا كافئناه بها إلا ابا بكر لم استطع مكافئته فتركت مكافئته لله عز و جل "
و بدأ الرسول يوصى الناس و يقول :
" ايها الناس , أوصيكم بالنساء خيراً و قال : الصلاه الصلاه , الصلاه الصلاه , الله الله فى النساء , و ظل يرددها و بدأ يدعى و يقول : اواكم الله , نصركم الله , ثبتكم الله "
ثم ختم و قال :
" ايها الناس , ابلغوا منى السلام كل من تبعنى إلى يوم القيامة "
وعليك السلام يا رسول الله , يا نبي الله
..................
و فى يوم 12 ربيع الأول يفتح النبي يرفع ستار غرفته المطل على ساحة المسجد وينظر الرسول إلى الصحابة و هم يصلون صلاة الفجر فأبتسم و ظل ينظر إليهم و يبتسم .
آخر ما اطمئن له النبي و ابتسم له هو الصلاة .
الصحابة يصفون اطلاع النبي عليهم ذاك الحين : ( والله كأن الشمس طلعت علينا ولم نر رسول الله أجمل ولا أنور من هذا اليوم ) .
.............
النبي يدعو ابنته فاطمة فتأتيه و تقول ( واكرب أباه ) فيجيبها : " ليس على أبيك كرب بعد اليوم "
فيقربها و يكلمها بصوت خافت فتبكي , ثم يعود يكلمها ثانية فتضحك
( في المرة الأولى قال لها أنه سيموت هذا اليوم فتبكي , و في المرة الثانية أخبرها بانها اول أهله لحاقاً به ) .
..........................
النبي إلى الرفيق الأعلى :
يضع النبي رأسه على صدر السيدة عائشة رضى الله عنها وعند ارتفاع شمس يوم الاثنين عند الضحى :
" مع الذين أنعمت عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين , اللهم اغفر لي و ارحمني و ألحقني بالرفيق الأعلى , اللهم الرفيق الأعلى , بل الرفيق الأعلى , بل الرفيق الأعلى "
يثقل رأسه على صدر السيدة عائشة .
______________________
ترفع السيدة عائشة ستار حجرتها المطل على المسجد قائلة : مات رسول الله , مات رسول الله .
_____________
يسود جو الصدمة و الذهول و الشحوب ثم الفوضى
فاطمة ابنة النبي : ( يا أبتاه أجاب رب دعاه , يا أبتاه في جنة الفردوس مآواه , يا أبتاه الى جبريل ننعاه ) .
عمر بن الخطاب وقد أخرجه النبأ عن وعيه : ( من قال أنه مات قطعت رأسه , رسول الله ما مات , لكن ذهب الى ربه كما ذهب موسى بن عمران , فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ) .
عثمان بن عفان لا يقوى على الحراك .
أبي بكر :
أقبل أبو بكر على فرس من مسكنه حتى نزل و دخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله وهو مغشى بثوب , فكشف عن وجهه و انكب عليه يقبَّله :
( واحبيباه واخليلاه , وارسولاه , ما أجملك حياً وما أجملك ميتاً )
( بأبي أنت و أمي لا يجمع الله عليك موتتين أما الموتة التي كُتبت عليك فقد متّها ) .
يخرج للناس ويخطب بهم :
( من كان منكم يعبد محمداً فإن محمداً مات , ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت ) .
و يتلو الآيات :
( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ ) ..
يقول عمر بن الخطاب : ( والله ماهو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي , وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها , علمت ان النبي عليه الصلاة والسلام قد مات ) .
............................
تجهيز وتوديع الجسد الشريف إلى الارض :
جرت مناقشات و مجادلات الى أن تم بعد الشورى اختيار ( أبو بكر ) خليفة لرسول الله عليه الصلاة و السلام .
ويوم الثلاثاء تم تغسيل جسد النبي الطاهر دون تجريده من ثيابه , و كان القائمون بتغسيله :
العباس عم النبي , علي بن ابي طالب , الفضل و قثم ابني العباس , أسامة بن زيد , أوس بن خولي , شقران مولى النبي .
كفنوه في ثلاثة أثواب بيض من كرسف , ليس فيها قميص و لا عمامة , أدرجوه فيها أدراجاً .
واختلفوا في موضع دفنه فقال أبو بكر : ( إني سمعت رسول الله عليه الصلاة و السلام يقول : ما قُبض نبي إلا دُفِنَ حيث يُقبض )
فرفع أبو طلحة فراشه الذي توفي عليه فحفر تحته و جعل القبر لحداً .
.......
و دخل الناس أرسالاً عشرة فعشرة يصلون على رسول الله عليه الصلاة و السلام ولا يؤمهم أحد .
وصلى عليه أولاً أهل عشيرته ثم المهاجرون ثم الأنصار , وصلت عليه النساء بعد الرجال ثم صلى عليه الصبيان .
ومضى في ذلك يوم الثلاثاء كاملاً , حتى دخلت ليلة الأربعاء .
ويوارى جثمان النبي الطاهر التراب في جوف ليل الأربعاء 14 ربيع الأول في المدينة , سنة 11 للهجرة .
_______
أنس بن مالك :
( دخل النبي المدينة يوم الاثنين فأضاء منها كل شيء ومات النبي في المدينة يوم الاثنين فأظلم منها كل شيء )
_____________________
.........................
رمز شروق الشمس :
وُلد النبي عليه الصلاة و السلام عند شروق الشمس : فكانت رمزاً لبداية النور للبشرية .
وتوفي أيضاً بعد شروق الشمس : لأن النور لم ينته و لايتنه . إنما بدأ فصل جديد .
و ان كنا قد اعتقدنا ان الشمس غربت عنا منذ اكثر من 200 عام فهي ليست الا فترة كسوف , وستعود تضيء من جديد بإذن الله .