لا أرى اصطفافاً اسلامياً في مواجهة فتح والشعبية والديمقراطية
زياد نخالة: المصالحة مطلوبة قبل آخر السنة
€ كيف كان اللقاء مع الجانب المصري بعد انقطاع طال؟
# نزور القاهرة عندما يكون هناك شيء نتفق عليه أو يكون هناك مصلحة فلسطينية تقتضي أن نسافر من أجلها, وآخر زيارة لوفد من «الجهاد» كانت قبل التوافق على التهدئة في شهر تموز €يوليو€ الماضي. ونحن الآن في مصر بدعوة رسمية من الجانب المصري لمناقشة الوضع الفلسطيني الراهن وحالة الاستقطاب الحادة في الشارع الفلسطيني, وللبحث في الكيفية التي يمكن من خلالها الخروج من حالة الانقسام السياسي والجغرافي في الاراضي العربية المحتلة, والجانب المصري كان قد أرسل مجموعة من الاسئلة ليتعرف الى وجهة نظر «الجهاد» في بعض القضايا. وكان هناك رد من جانبنا على هذه الموضوعات. ثم جاء الحوار الثنائي بين «الجهاد» والجانب المصري, وسوف يتواصل مع باقي الفصائل بما فيها «حماس» و«فتح» وصولا الى الحوار الوطني الشامل في النهاية للاتفاق على انهاء ما نحن فيه الآن من انقسام. ومصر من خلال اللقاءات الثنائية التي سوف تستمر حتى نهاية شهر رمضان تسعى الى مناقشة التصورات الخاصة بكل فصيل كي يمكن جمع أكبر عدد من الافكار التي تساعد على الخروج من الحالة الراهنة. ووجهة نظر «الجهاد» انه لا يمكن الاستمرار في الوضع الحالي لأن هذا مرادف لحالة الضعف الفلسطيني وتعدد القرارات بين رام الله وغزة, والمستفيد من كل ذلك هو الجانب الاسرائيلي فقط. ونحن ندعو اخواننا في الساحة الفلسطينية الى تغليب المصلحة الفلسطينية العليا على أي خلافات فصائلية أو خاصة, ونقول انه عندما نتنازل لاخواننا في الساحة الفلسطينية فهذا أفضل بكثير من التنازل للعدو. لذلك نحن ندعو الى سرعة التوافق الفلسطيني والتوصل الى مصالحة قبل شهر كانون الثاني €يناير€ المقبل الذي تنتهي فيه ولاية الرئيس محمود عباس وعندها سوف يأخذ الصراع بين «حماس» و«فتح» شكلا جديدا حيث ستقول «حماس» إن موقف الرئيس عباس غير شرعي بينما تقول «فتح» إن استمرار الرئيس في منصبه شرعي, لذلك من الافضل للساحة الفلسطينية ولـ«حماس» و«فتح» أن يتم التوصل الى اتفاق قبل مطلع السنة.
€ هناك من يقول ان بعض الاطراف الاقليمية غير راغبة في الحوار الوطني الفلسطيني؟
# يجب أن لا ننظر الى هذا الطرف أو ذاك. علينا البحث عن مخرج لهذه الازمة قبل أن تتفاقم الاوضاع ويصبح الخروج من تلك الحالة صعبا, ونحن في «الجهاد» نعتقد أن كل الظروف الآن ملائمة لإنهاء الخلافات الفلسطينية وبدء مرحلة جديدة من التوافق , ونعتقد أن المبادرة المصرية بالسعي الى ايجاد توافق فلسطيني جاءت في الموعد المناسب, وعلى كل الفصائل والقوى الفلسطينية أن تدعم التحرك المصري لأنه الفرصة الاخيرة قبل أن ندخل دوامة لا نعرف كيف ومتى يمكن الخروج منها. نحن قلنا انه لا بد من استثمار الجهد المصري والدعوة المصرية الى انهاء الصراع بين «فتح» و«حماس» لأننا كفلسطينين عاجزون عن حل المشاكل بين «حماس و«فتح». وبصراحة شديدة الخلاف بين «حماس» و«فتح» وصل لمرحلة صعبه تستعصي على أي حل فلسطيني, ومن هذا المنطلق لا بد من استثمار الدعوة المصرية للحوار والعمل على انجاحها. ونحن في «الجهاد» أبلغنا الجانب المصري أننا على استعداد كامل للمساعدة في رأب الصدع.
€ هل معنى ذلك انك تطالب بضغوط مصرية على الطرفيين لإنجاح الحوار؟
# لا يوجد شيء اسمه ضغوط بالمعنى المعروف, لكن يمكن أن نتحدث عن ضغوط أدبية عن طريق شرح حالة الخطورة التي تعيشها الساحة الفلسطينية وما أدت اليه من مآسٍ يعيشها الشارع الفلسطيني نتيجة هذا الحصار, بالاضافة الى عامل مهم للغاية وهو ان مستقبل القضية الفلسطينية في ظل هذا الوضع بات في خطر شديد, وكل فصيل حريص على القضية الفلسطينية عليه التحرك بسرعة لانجاح الحوار الفلسطيني. ان الصراع بين «حماس» و«فتح» في الساحة الفلسطينية أدى الى أضرار بالغة بالقضية الفلسطينية ويكفي أن التعاطف العربي والاسلامي بل تعاطف العالم أجمع تأثر سلبا بما تشهده الساحة الفلسطينية من صراعات. ونحن نقول إن سعي الدول العربية وفي مقدمتها مصر للضغط الادبي على «حماس» و«فتح» مهم في هذه المرحلة كي تمكن إذابة الجليد وخلق الثقة بين الجانبين والتوصل الى اتفاق, وبدون ذلك لا أعتقد ان الساحة الفلسطينية بمفردها قادرة على حل الخلافات الحالية.
€ هل هناك رؤية أو خطة محددة من جانب «الجهاد» الاسلامي للخروج من هذه الورطة؟
# «الجهاد» قالت منذ البداية أن دخول العملية السياسية من جانب «حماس» سوف يسبب للحركة الكثير من المتاعب, ونقطة الخلاف بيننا وبين «حماس» أن «الجهاد» ترفض الدخول في العملية السياسية التي أفرزتها اتفاقية أوسلو, لكن علينا الآن البحث عن الآليات التي من خلالها يتم تجاوز المحنة. قدمنا الى الجانب المصري تصورنا الخاص لحل الازمة عن طريق طرح مطالب ومخاوف كل فريق على طاولة المفاوضات خصوصاً وأن هناك مطالب مشتركة بين «حماس» و«فتح» منها إعادة تأهيل الاجهزة الامنية الفلسطينية على أسس وطنية وليس على أسس فصائلية ضيقة ولنا تجربة سابقة في الحوار الوطني الفلسطيني الذي تم هنا في القاهرة في العام 2005, ونجحت الفصائل الفلسطينية في التوصل الى «اعلان القاهرة» الذي شكل بداية مهمة في العمل الوطني الفلسطيني. كما ان «وثيقة الاسرى» كانت عملاً فلسطينياً مهماً, لذلك يمكن البناء على هذه الاتفاقيات والتوصل الى اتفاق ينهي المشكلات بين «فتح» و«حماس», ورغم أننا نعترف بوجود مشكلات كبيرة بين الطرفين الا أننا واثقون من أن التوصل الى اتفاق ليس مستحيلا.
€ ما هي الملفات المعقدة التي تعرقل التوصل الى اتفاق في الساحة الفلسطينية؟
# للاسف هناك ملفات كثيرة وصعبة لكن يمكن القول أن هناك محورين للخلاف, الاول يتعلق بالشأن الداخلي الفلسطيني وفي هذا المحور قضايا شائكة كملف المقاومة وتشكيل الحكومة والاجهزة الامنية وقبل هذا كله هناك انعدام الثقة بين الطرفين, أما المحور الثاني فيتعلق برؤية التعامل مع اسرائيل, الرئيس محمود عباس يصر على مواصلة المفاوضات رغم أنه ثبت بالدليل القاطع أنها لن تقدم شيئا للشعب الفلسطيني. عشرات المؤتمرات واللقاءات التي جمعت الرئيس محمود عباس مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت بالاضافة الى طواقم المفاوضات الاسرائيلية # الفلسطينية لم تحقق اي نتيجة على الارض, فالاحتلال موجود ورقعة المستوطنات تزداد كل يوم بشهادة المؤسسات الدولية وليس الفلسطينية فحسب, خصوصاً في مدينة القدس, والحصار الاسرائيلي على حاله. فاذا كان رئيس الوزراء الاسرائيلي غير مستعد لرفع الحواجز او فتح المعابر فكيف يكون مستعدا للتنازل عن الارض, لذلك نحن في «الجهاد» مع تقوية الجبهة الداخلية وإنهاء الخلافات وتركيز جهودنا وعملنا على إنهاء الاحتلال, ونقول للرئيس أبو مازن إن المفاوضات لم تكن مجدية ولن تكون, وليس هناك أي طرف في إسرائيل على استعداد لتقديم شيء للفلسطينين. لذلك علينا تعزيز المقاومة لانها الحل الوحيد والطريقة الوحيدة التي تفهمها اسرائيل.
€ اسرائيل سربت عبر وسائل إعلامها ما تقول انه خطة لقيام دولة فلسطينية ذات حدود موقتة؟
# نحن في «الجهاد الاسلامي» موقفنا واضح من قضية المفاوضات والمشاريع التي تطرحها اسرائيل. نعتقد أن المفاوضات لن تقدم شيئاً ودائما هي غطاء لعمل مشين تقوم به إسرائيل. تحت ستار المفاوضات تعلن اسرائيل يوميا عن المناقصات لبناء الوحدات السكنية والمستوطنات في الاراضي المحتلة خصوصاً في القدس والاغوار. لذلك نحن نعرف ان ما تقدمه اسرائيل هو فقط للاستغلال وضياع الوقت, ونحن نرفض كل العروض الاسرائيلية الاخيرة لاننا لا يمكن أن نترك شبراً واحداً من الاراضي الفلسطينية المحتلة لاسرائيل, لاننا ببساطة نريد دولة على كل فلسطين التاريخية من رأس الناقورة شمالا الى رفح جنوبا, ومن البحر الى النهر ولا يوجد أي مجال للتنازل عن اي شبر في فلسطين لأن هذا ليس فقط التزاماً سياسياً وتأكيداً بأن الارض كانت ملكاً للعرب والمسلمين وأن إسرائيل اغتصبتها, لكن لأن القرآن الكريم يطالبنا بذلك وقد نص على ذلك صراحة.
€ هناك من يقول انه لا بد من وجود مظلة عربية للحوار الفلسطيني على غرار ما حققه اتفاق الدوحة في الشأن اللبناني؟
# ليس هناك اعتراض من أحد على المجهود العربي, ومن يستطع تقديم شيء فأهلا وسهلا به, لكن الآن هناك دعوة مصرية وعمل مصري وينبغي المساعدة على انجاحها.
€ الدكتور موسى أبو مرزوق يقول ان في الحوارالوطني الفلسطيني مصلحة خصوصاً للرئيس عباس لثلاثة أسباب أولها لان ولايته قاربت على الانتهاء, والثاني أن عباس هو المسؤول عن حالة الانقسام الحالية وواجب عليه انهائها قبل مغادرة السلطة, والثالث أنه لا يستطيع ابرام أي اتفاق مع اسرائيل قبل توحيد القرار في غزة ورام الله, هل تتفق مع هذا الطرح؟
# نحن نقول ان حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية لها آثارها السلبية على كل القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. ولذلك كلما أسرعنا في الحوار الوطني كان ذلك في مصلحة القضية الفلسطينية, وبعيدا عن مصلحة هذا الطرف أو ذاك علينا التوجه الى الحوار لأننا جميعا في النهاية كشعب محتل نعاني من ممارسات الاحتلال, وسوف نستفيد جميعا عندما يكون القرار الفلسطيني موحدا.
€ رغم أن «الجهاد» لم تدخل العملية السياسية الا أنها وافقت على التهدئة المعلنة مع اسرائيل, هل معنى هذا انخراط «الجهاد» في العمل السياسي بشكل مباشر؟
# «الجهاد» لم تبرم اتفاقاً للتهدئة مع اسرائيل وكانت لها تحفظات على هذه التهدئة , لكننا قلنا إننا لن نخرق التهدئة وفي الوقت نفسه نحتفظ بحق الرد على أي خروقات اسرائيلية وهو كان موقف غالبية الفصائل الفلسطينية, وهذا لا يعتبر تنازلا من جانبنا لأننا نعتقد أن التهدئة مجرد فرصة للمواطن الفلسطيني الذي يعيش في غزة لالتقاط الانفاس من جراء الحصار الخانق على قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف العام, لكن لا بد للتهدئة من أن تنسحب كذلك على الضفة الغربية أيضا, ولا يجوز أن نترك اخواننا في الضفة فريسة للاحتلال الاسرائيلي, ونحن ملتزمون بالتوافق الفلسطيني وعندما تقرر الفصائل الفلسطينية الخروج من التهدئة سوف نكون معهم لأن الاصل في التهدئة أنها تعطي الفرصة لرفع الحصار كليا عن قطاع غزة وفتح المعابر, وكل هذا لم يحدث. لذلك علينا كفلسطينيين أن نكون حذرين تماما من المخططات الاسرائيلية ومراجعة ما تم من التعهدات الاسرائيلية وتحديد موقفنا بعد ذلك, لان أخطر شيء في هذه التهدئة التي تطبق على قطاع غزة دون الضفة هو تكريس الانقسام بين الضفة والقطاع خصوصاً مع استمرار الخلافات بين «حماس» و«فتح».
€ اسرائيل في الآونة الاخيرة ركزت عمليات الاغتيال على قيادات «الجهاد», والآن تكرر الامر في الضفة الغربية, هل يمكن ان يؤثر ذلك سلبا في قدرات «الجهاد»؟
# اسرائيل تستهدف الشعب الفلسطيني بكل مكوناته لكن نظراً للعمليات الجريئة والقوية التي قامت بها «الجهاد» في الفترة التي سبقت التهدئة فان الجيش الاسرائيلي بدأ فعلا تركيز هجماتة على عناصر «الجهاد». من جانبنا سوف تزيدنا هذه الاستهدافات صموداً لأننا نعتقد أن الحاجة الاسرائيلية الى التهدئة هي التي دفعت الاسرائيليين الى القبول بها لخلق أجواء تستعيد معها شاليط, وعندما تنتفي هذه الحاجه سوف تنفض يديها كالعادة من التهدئة.
€ هناك من يقول بوجود حالة من الاصطفاف الديني في الساحة الفلسطينية اي اصطفاف اسلامي يتمثل في «الجهاد» و«حماس» والقوى الاسلامية, مقابل «فتح» والجبهتين الشعبية والديمقراطية والقوى العلمانية الفلسطينية؟
# لا اعتقد بوجود هذا الاصطفاف, وإذا كان هناك اصطفاف في الشارع الفلسطيني فهو اصطفاف سياسي وليس اسلامياً. نحن في «الجهاد» نعمل على أن يكون المجهود الوطني الفلسطيني موجها الى العدو الاسرائيلي ونحرص على انهاء أي اصطفاف داخلي لأننا ما زلنا في مرحلة الاحتلال ويجب التركيز فقط على قضية التحرر الوطني, وعملية التحرر تحتاج الى جهود الجميع سواء كانوا اسلاميين أو غير اسلاميين.