صوت فتح الاخباري - وكالات - حذر الأمين العام لحركة «الجهاد الإسلامي» رمضان شلح من بلوغ تاريخ التاسع من كانون الثاني (يناير) المقبل من دون الخروج من حال الانقسام الحالية في الساحة الفلسطينية لأنه حينئذ سيصبح الوضع أكثر مأسوية. وقال في تصريحات لـ«الحياة»: «إذا وصلنا إلى التاسع من كانون الثاني (يناير) المقبل من دون التوصل إلى اتفاق ينهي حال الانقسام، فإننا قطعاً ذاهبون إلى فصل جديد من النزاع سيجعل الصورة في الساحة الفلسطينية أكثر مأسوية»، مشدداً على أن المخرج الوحيد الذي يمكن أن يعصمنا من الانزلاق إلى منعطف جديد من التجاذبات هو التوصل إلى حل قبل بلوغ هذا التاريخ، علما انه يفترض ان يكون هذا التاريخ موعدا للانتخابات الرئاسية الفلسطينية.
ونفى شلح ما يتردد من أن الظروف غير مواتية حالياً لعقد حوار فلسطيني، وقال: «لا يملك أي طرف فلسطيني أو عربي له علاقة بالحوار رفض الحوار لأنه حتمي وإجباري، فالبديل هو استمرار الانقسام والصراع الذي لا يخدم إلا العدو الإسرائيلي».
ولفت إلى صعوبة إيجاد مخرج للأزمة الراهنة إذا تُركت الساحة الفلسطينية لتدبر أمرها بنفسها، وقال: «لا بد من وجود دور عربي قادر على ممارسة نوع من الضغط والتأثير الأدبيين على الأطراف، وأنا أعتقد أن مصر هي الدولة الأولى والمرشحة للقيام بهذا الدور بحكم الجوار والعلاقة التاريخية التي تربطها بالقضية الفلسطينية، وبحكم ما يمثله قطاع غزة الموجود في خاصرة مصر، من أهمية بالغة لأمنها القومي». وتابع: «أرى أن الإشكال الحالي في غزة هو مصري بقدر ما هو فلسطيني».
وعن توقعاته في شأن نجاح الحوار في التوصل إلى اتفاق غير مسبوق يضع نهاية لحال الانقسام الجارية في الساحة الفلسطينية، أجاب: «لمسنا رغبة حقيقية وإرادة جادة لدى الإخوان في مصر من أجل إنجاح الحوار لإنهاء حال الانقسام وإعادة اللحمة للصف الفلسطيني»، موضحاً أن «مصر في محادثاتها الثنائية مع كل الفصائل تبحث تصورات كل فصيل وتناقش ثنايا هذه التصورات التي تتعلق بصيغ الحل وإمكاناته وكيفية الخروج من المأزق، ومن ثم ستخرج من هذه اللقاءات بتصور مجمل لتطرح صيغة توافقية يمكن أن تلقى قبولاً لدى الجميع»، مشيراً إلى أن ذلك «يتطلب جهداً كبيراً وتواصلا مستمرا لتقريب وجهات النظر». وزاد: «أبدينا استعداداً للتعاون مع الأخوة في فتح وحماس للمساعدة في جسر الهوة بينهما»، معرباً عن أمله في تحقيق ذلك ومرحباً بمساهمة دول عربية للمساعدة في معالجة هذه الأزمة.
وعما يتردد من أن الحوار يصب في مصلحة الرئيس محمود عباس (أبو مازن)، أجاب: «الحوار يصب في مصلحة الجميع، لكنه مصلحة من الدرجة الأولى لأبو مازن الذي يجب أن يستمد شرعيته من شعبه ومن الواقع الذي يعيشه الشارع الفلسطيني»، لافتاً إلى أن الواقع الجديد في ظل الانقسام ليس في مصلحته بل العكس لأنه مع مرور الوقت تزداد الأمور تعقيداً ويصبح من الصعب رأب الصدع وإعادة اللحمة للشارع الفلسطيني». وأضاف: «لذلك كلما أسرعنا بالحوار كلما أبدت الأطراف استعدادها لتقديم تنازلات متبادلة من أجل المصلحة الوطنية العليا».
ورأى شلح أن نجاح الحوار يعتمد على إرادة الجانبين، وأن المدخل الأساسي للحوار هو أن يبدي الجانبان الاستعداد للتنازل داخل البيت من هذا الطرف إلى الطرف الآخر والعكس صحيح. ولفت إلى أن ذلك «أولى بكثير من التنازل للعدو الإسرائيلي من لحمنا الحي في قضيتنا وحقوقنا الوطنية»، مذكراً بأن «استمرار حال الانقسام لا يخدم إلا العدو الإسرائيلي، وهذا الوضع بما يسببه من معاناة للشعب الفلسطيني هو الوضع الأمثل لإسرائيل».
وعن أكثر القضايا تعقيداً على أجندة الحوار، قال: «هناك ملفان على الساحة الفلسطينية هما إدارة الصراع مع العدو، والعلاقات الداخلية الفلسطينية... وأعتقد أن من العار أن يغلق ملف الصراع مع العدو حتى لو كان تحت عنوان التهدئة، حتى لو كانت غير مجدية، ليتحول الملف الداخلي من علاقات أخوية ونضالية إلى علاقات صراعية»، مشدداً على أن «صراعنا الأساسي والحقيقي هو مع العدو الصهيوني، لذلك لا بد من رأب الصدع داخل البيت الفلسطيني وإعادة ترتيبه للالتفات إلى إدارة الصراع مع الإسرائيليين بشكل جدي». وأضاف: «الرهان على ما يسمى بعملية التسوية والمفاوضات لم يعد قائما، وأصبحت النتيجة مقروءة على الجدران، وأبو مازن لم يعد لديه ما يراهن عليه في المفاوضات، والمخرج الوحيد هو الالتفات إلى الوضع الداخلي لمعالجته وترتيبه لمواجهة استحقاقات مجابهة العدو».
ورأى أن «حل هذا الإشكال يبدأ اساسا بالمسؤولية الوطنية لدى الجميع بأن الصراع الداخلي لا يمكن أن يخضع لمعادلة صفرية، فليس هناك طرف رابح وآخر خاسر»، وقال: «يجب أن لا يرى أي طرف أن مصلحته في المقدمة على حساب الآخرين، فهذا المنطق لا يجوز لأن في الصراع الداخلي كلنا خاسرون»، لافتاً إلى «أننا جميعاً ما زلنا في مركب واحد، وهذا المركب مهدد من الآخرين».
وحذر شلح من «الاستمرار في التمسك بالمصالح الضيقة، وبأن يظل كل طرف يتطلع إلى كيفية تعظيم مكاسبه وذلك بمهادنة الأميركيين والإسرائيليين بغض النظر عما يحدث للطرف الآخر ومن دون الالتفات إلى حال الحصار التي يعيشها الشعب الفلسطيني»، وقال: «العدو أخذ من جميع الفلسطينيين كل شيء وألقى لهم سلطة وهمية لا تستحق أي قتال أو صراع عليها». واعتبر أن «الاختراق الأخطر هو على مستوى الرؤية السياسية الذي سيصيب عقولنا وتفكيرنا ويجعلنا نفقد البوصلة فنعمل على وجهة مصالح عدونا وسياساته للمنطقة».
وعما إذا كان اتفاق التهدئة الذي أبرمته «حماس» مع إسرائيل (بوساطة مصرية) هو بداية تنازل، أجاب: «لا أفهم أنها بداية تنازل من حماس لأنه سبق لحماس وسائر الفصائل أن وقعت على إتفاق تهدئة مع الإسرائيليين ولم ُتقرأ بهذه الطريقة، لكن الخطر هو أن تتحول هذه التهدئة إلى هدنة دائمة فيما الشعب الفلسطيني يعيش حال حصار وفيما الضفة الغربية خارج معادلة هذه التهدئة بما يكرس الانقسام وكأن الضفة شيء مستقل عن غزة، وأيضا كأن قطاع غزة نفض يده من باقي الأرض الفلسطينية ولا يشعر بمسؤوليته عنها أو نفض يده من الدفاع عن الشعب الفلسطيني في بعض الاجتياحات والخروق التي يمارسها الإسرائيليون في قطاع غزة». وشدد على أنه «إذا أوصلت التهدئة الأمور إلى ذلك، فحينئذ الوضع سيكون جد خطير والذي يتطلب منا جميعاً التوقف لمراجعته».
وسُئل عن ملاحظات «الجهاد» وتحفظاته ازاء اتفاق التهدئة، فأجاب: «نعم لنا ملاحظات وتحفظات رغم أننا قبلنا بأن نكون جزءا منها، بمعنى ألا نبادر بخرقها مع احتفاظنا بحق الرد على الخروق الإسرائيلية»، لافتا إلى أن «حماس وسائر الفصائل قبلت بالتهدئة فقط من أجل رفع المعاناة عن أهالي غزة برفع الحصار وتشغيل المعابر»، وتابع: «هناك وعود قدمت، لكن حتى الآن لم تنفذ، ما يجعل التهدئة على المحك»، داعياً إلى «ضرورة مراجعتها وتقويمها حتى لا تكون تهدئة بلا مقابل، أي مجانية».
وسُئل شلح عن الخطاب الذي يود أن يوجهه إلى كل من «فتح» و «حماس»، فأجاب: «أقول للجانبين إن الانقسام أضعفنا جميعاً، فالعدو يسرق الأرض ويصادر الحقوق، والقضية تتلاشى من بين أيدينا شيئا فشيئا، ونحن منشغلون بأنفسنا، لذلك فلنتوقف جميعاً لحظة مع الذات نتعالى فيها على كل شأن ذاتي وعن الجراحات لنقدم المصلحة الوطنية من أجل الحفاظ على هذه القضية من أي مصلحة فصائلية أخرى. وأقول لهما: يجب النظر على مقياس الضرر الواقع على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية بسبب هذا الانقسام، خصوصا أن الساحة الفلسطينية فيها الكثير من التعقيد بما يكفيها».
وعن قراءته للانفتاح الأردني على «حماس»، قال: «عندما يجري الحديث عن عودة العلاقات بين حماس والأردن، فهذه مسألة إيجابية يجب ألا تأخذ كل هذا الاهتمام والحذر من الأطراف المختلفة وكأنها شيء خطير يحدث في المنطقة، وأعتقد أن الأصل في علاقة أي طرف بالقضية الفلسطينية هو التواصل وليس القطيعة، ولذلك أراها مسألة عادية تخص حماس والأردن»، معرباً عن أمله في أن يخدم هذا التقارب القضية الفلسطينية.
ونفى شلح وجود أي مخاوف لديه من المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل، وقال: «لسنا قلقين فهذه المفاوضات مع سورية ليست بجديدة لأن سورية خاضت تجربة المفاوضات مع إسرائيل سابقا، والمفاوضات الحالية الهدف منها استرداد الجولان، وأنا لا أفهم ولم أسمع أن استعادة الجولان تعني أن تدير سورية ظهرها للشعب الفلسطيني وتطلب مغادرة اللاجئين لأراضيها».